من المرجح عودة الأطفال إلى المدارس بصورة شبه طبيعية في الخريف المقبل، رغم أنه من غير المتوقع الحصول على اللقاح الخاص بفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” قبل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لذا فإن الاستعدادات لحماية التلاميذ من العدوى ينبغي أن تبدأ من الآن، ولعل الوسيلة الأفضل للوقاية هي ارتداء الكمامة، الأمر الذي يقاومه الأطفال بشدة، فكيف يمكن التغلب على ذلك؟
مع بداية أزمة فيروس كورونا، لم يهتم البعض بارتداء الأطفال للكمامة، لكن مع الحديث عن عودة المدارس وخروج الصغار في أماكن مزدحمة، بات ارتداء الكمامة حتميا، وهناك نوعان من الأطفال، الأول يرتدي الكمامة بسعادة تقليدا للكبار، والثاني يرفضها من دون أي نقاش.
وحتى أشهر قليلة مضت، لم يكن لدى الكثيرين خبرة في ارتداء وشراء أو حتى صنع الأقنعة، لذلك على الآباء استغلال الفترة الحالية في البحث عن الكمامة المناسبة قبل محاولات إقناع الأطفال بارتدائها لدى عودة الدراسة.
تنصح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بأميركا، بارتداء غطاء وجه من القماش للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وما فوق، عندما يكونون في الأماكن العامة حيث يصعب ممارسة التباعد الاجتماعي.
وتقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إن هذا القناع يجب أن يغطي أنف طفلك وفمه. ولا يجب عليك سحبها لأسفل أو لأعلى، إذ ينبغي تغطية كليهما في الوقت نفسه، كما نصحت بعدم ارتداء الأطفال أقل من عامين للكمامة، أو الذين يعانون من مشكلات بالتنفس، أو من يحتاجون إلى مساعدة البالغين في خلع الكمامة ولا يستطيعون وحدهم القيام بذلك.
معايير اختيار الكمامة
ينبغي أن يكون حجم القناع مناسبا لوجه الطفل، ربما ليس حتميا ارتداء الكمامة الطبية، بل يمكن ارتداء إيشارب بحجم المثلث أو قطعة قماش صغيرة تغطي الأنف والفم بإحكام، وتسمح بالتنفس في الوقت نفسه.
وقال الدكتور نيكيت سونبال، طبيب باطني واختصاصي أمراض الجهاز الهضمي وأستاذ مساعد في جامعة تورو، لموقع هاف بوست الأميركي “إن القناع يصبح مناسبا بشكل صحيح إذا لم تكن هناك فجوات كبيرة بينه وبين الوجه”.
وأضاف سونبال “إذا كان القناع كبيرا جدا، يمكن للرذاذ أن يتسلل من الفجوات، في حين أنه لا يزال أفضل من لا شيء”، مؤكدا أن القناع الأكثر سمكا يمنح مزيدا من الحماية، وأكثر فعالية في منع انتشار الفيروس التاجي.
أما طبيبة الأطفال هيلي نيلسون، فقد نصحت من خلال موقع هاف بوست بالحرص على اختيار كمامة مريحة نسبيا للأطفال، ولا سيما فيما يتعلق بتثبيت الكمامة على الأذنين، فلا يجب أن تكون مشدودة بحيث تؤلم الطفل طوال فترة ارتدائها.
وتابعت نيلسون “حاول أن تكتشف ما يناسب وجه طفلك بحيث يكون دافئا نوعا ما ولكن لا يشد أذنيه أو يزعجه، ولكن إذا كان القناع فضفاضًا، فإن طفلك بالتأكيد سيعبث به أكثر”.
وحذرت من ارتداء الأطفال الأصغر من عامين للكمامة، لأن لديهم ممرات هوائية أصغر، لذلك يصعب عليهم التنفس من خلال القناع.
التجربة والتدريب
ما زال لدى الأمهات والآباء وقت كاف لاختبار تجربة ارتداء الكمامة قبل العودة إلى المدارس، خاصة أن الأمر سيتطلب ارتداء أكثر من كمامة أسبوعيا (خمس على الأقل)، وربما ارتداء أكثر من واحدة خلال اليوم الدراسي، ولا سيما إن كانت كمامات طبية، لذلك يجب أن يخضع الأمر إلى التجربة والتدريب فترات طويلة.
ينصح الخبراء بتدريب الأطفال على ارتداء الكمامة بالمنزل لفترات طويلة، وليس لدقائق معدودة، حتى لا يشعر الطفل أنه يمكن خلعها بعد فترة وجيزة، ويجب أن يأخذ الأطفال الأمر على محمل الجد، فلا مجال للاختيار في هذا الشأن، لذلك يفضل أن يشرح الأب أو الأم لماذا نرتدي الكمامة، وما المخاطر التي قد نواجهها إذا لم نرتديها.
قد يستغرق الأمر بعض الوقت للتجربة والخطأ للعثور على كمامة ملائمة وجيدة، لكن يجب الأخذ في الحسبان أن خدمات التوصيل قد تتأخر لأسابيع، لذلك فإن التخطيط للمستقبل من الآن أفضل.
تجربة مرحة
يجب أن يختار الطفل القناع الذي يحب أن يرتديه، ولا سيما بعد انتشار رسومات الشخصيات الكرتونية المحببة لديهم على أقنعة الأطفال. لكن تذكروا أننا نختار بين القناع الأجمل والأنسب للحماية، وليس لدينا أي اختيار في عدم ارتداء الكمامات أو أي شكل من أشكال الأقنعة الواقية.
يمكن أن يبدأ الأبوان التجربة على الدمية المفضلة للطفل، حتى يفهم طبيعة وآلية ارتداء القناع. ولكن تذكروا، إذا كنتم لا ترتدون الكمامات خارج المنزل مع أطفالكم، فلا يوجد سبب حقيقي لإقناعهم بارتدائها.
كما ينبغي عدم ربط ارتداء القناع بالحدة أو الصراخ أو الأوامر الصارمة، فقط كونوا متحمسين أثناء إجراء التجربة، فربما يكون مستوى معين من ارتداء القناع أفضل من لا شيء.